• EGYPT | HEAD OFFICE
  • +20 2 26 90 22 75

بالعربية

كندا تتولى قيادة عالم أكثر حرية

نُشر في: 2 مايو 2017 | اّخر تحديث: 2 مايو 2017

شكلت إجراءات  الحظر الصارمة تجاه سفر العديد من مواطنين الدول الإسلامية إلى الولايات المتحدة التي  فرضها الرئيس دونالد ترامب,  نهجاً دولياً شجع العديد من البلاد حول العالم علي غلق أبوابها أمام الوافدين من تلك البلاد, فيما عدا كندا حيث كانت بمثابة استثناء يتجلى فيه قيم تمثال الحرية.

لا يرجع الفضل في هذا الي تفتح القادة الكنديين وحسب, لكن يرجع إلي تسامح الشعب الكندي ومحبته لمساعدة الآخرين, حيث انطلقت العديد من الدعوات الكندية المطالبة باستقبال المزيد من اللاجئين السوريين.

“شكراً كندا “

بهذه العبارة وصف الشاب عمر العمر شعوره بالامتنان تجاه  كندا ,هذا الشاب الذي أصيب بطلق ناري في بداية اندلاع الحرب في سوريا حيث كان يبلغ من العمر 15 عاماً آنذاك. صرح قائلاً ” إنني سعيد جدا وأشعر بالترحاب من المواطنين الكنديين، فضلا عن أنني وغيري من اللاجئين  نتلقي دروس في اللغة الإنجليزية والعادات الكندية”.

وأضاف عمر ” أشعر بالحزن تجاه ردة الفعل السلبية  للبلدان العربية  حيال مساعدة اللاجئين,وممتن لكون كندا تقوم بالدور الذي تخاذل عنه الآخرون”

 

يذكر أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما كان قد وافق علي دخول 12الف لاجئ سوري إلى الولايات المتحدة الأمريكية, مما أثار غضب الرافضين للأمر, في الوقت الذي استقبلت فيه  كندا التي يقل عدد سكانها كثيرا عن أمريكا، 40 ألف لاجئ سوري.

صرح أحمد حسين وزير الهجرة الكندي أن بعض الانتقادات التي توجه له من الشعب الكندي, تشير الى انه لا يستقبل عدد كافي من اللاجئين.

ويعتبر أحمد حسين شخصياُ أحد أبرز الأدلة على انفتاح الشعب الكندي وقبوله للآخر, حيث وصل الوزير إلى الأراضي الكندية وهو في ال16 من عمره  بصفته لاجئ صومالي, ليعيش في هذه البلد ويتولى قيادة  الوزارة التي قدمت له يد العون في يوم من الايام.

 

وقال الوزير “نحن نرغب في مزيد من الناس لينضموا للعائلة الكندية , فإن الحكومة الكندية تبحث كيفية استبقاء الطلاب الأجانب الذين يفرغون من دراستهم الجامعية في البلاد ” كما أشار أن مسار حياته في كندا ليس فريداً من نوعه, حيث إن اثنين من ثلاثة حُكام تم اختيارهم العام الماضي كانا من اللاجئين، واحد من هاييتي والثاني من هونج كونج. وأشار إلى أنه في العام الماضي عيَّنت كندا في حكومتها عددا من الوزراء “السيخ” أكثر مما فعلت الهند.

 

أشار الوزير في تصريحاته إلى وجود متعصبين في كندا ايضاُ, مستدلاًعلى ذلك بمقتل 6 مسلمين في هجوم علي مسجد في كيبيك, وأضاف “أن الشعب الكندي لم يكن أكثر تسامحاً من نظيره الاوروبي او الامريكي, فتاريخياً كان هناك قانون يعرف باسم كندا البيضاء واستمر هذا القانون العنصري من أواخر 1940 إلى مطلع 1950 حيث كان 96% من المهاجرين الي كندا من الأوروبيين ,كما أن رئيس الحكومة الحالي بيير ترودو , والذي أصبح رمزاً من رموز الانفتاح والتسامح عالمياً ,كان قد اشترك في بداية حياته السياسية في أعمال شغب عنصرية ضد السامية.”

علي الرغم من ذلك ففي غضون الخمسين سنة الأخيرة, شهدت كندا تحولاً جذرياً , ويرجع الفضل في ذلك إلى السياسات الهادفة التي أسس لها ترودو الاب, ,والد بيير ترودو  رئيس الوزراء الحالي الذي  أكمل السير على خطى ولاده نحو سياسات منفتحة تجاه الآخر.

يشكل خمس الشعب الكندي ما يعرف بإسم “الأقليات المرئية”, معظمهم ترجع اصولهم الى الصين و افريقيا و جنوب آسيا. كما يشكل عدد المسلمين ثلاثة أضعاف عدد الأمريكيين في كندا, ومن المتوقع أن يصبح نصف سكان كندا من المهاجرين وأبناء المهاجرين بحلول العام 2036 .

وبسؤال إحدى المواطنات الكنديات عن رأيها في هذا التوقع, بدا عليها الاستغراب من السؤال وأجابت  “ و ما المشكلة في ذلك؟

لقد رسخ القادة الكنديين للتنوع الثقافي كمبدأ مقدس لا يمكن التنازل عنه في الهوية الكندية ,ففي  الوقت الذي تغلق فيه البلدان أبوابها في وجه اللاجئين, احتفلت كندا بفتحها الباب علي مصراعيه. الاحصائيات تشير الى ان الكنديين أصبحوا يفتخروا بالتعددية الثقافية  في بلدهم اكثر من تميزهم في رياضة الهوكي.

“النتائج في كندا مذهلة “

هكذا علق جوناثان تيبرمان في كتابه الصادر مؤخرا بعنوان ” الإصلاح” و الذي يشرح نجاحات الحكومات عالمياً , بما في ذلك نجاح سياسة الحكومة الكندية حيال اللاجئين.

كما علق قائلاً ” لقد نجحوا في تحويل دولة منغلقة علي نفسها ذات تجانس عرقي وثقافي, إلى بلد عالمي مليء بالحيوية  والتعددية الثقافية,  لتصبح كندا واحدة من أكثر الأمم انفتاحاً علي العالم“.ومما ساعد علي ذلك هو كون كندا لم تعاني يوماً من مشاكل الهجرة غير الشرعية , كما جاءت سياسات الحكومة الاقتصادية داعمة للحفاظ على الطبقة الوسطى.

كندا ايضاً لديها نظام  رائع لدعم المواطنين,حيث يمكن لخمسة اشخاص او اكثر  ان يكونوا مجموعة دعم لرعاية الأسر اللاجئة. ورغم ما يتطلبه ذلك من إنفاق آلاف الدولارات شهرياً إلا أن قوائم مجموعات الدعم التي تنتظر المزيد من اللاجئين لرعايتهم لا حصر لها.

 

يقوم المتطوعون بدمج اللاجئين الجدد في المجتمع ويساعدوهم في الحصول على التعليم والوظائف.

أدي هذا الدمج إلى خلق حالة من التناغم في المجتمع الكندي جعلت من اللاجئين في كندا محامون وأطباء, و ليسوا إرهابيين وخارجين عن القانون.

كما تقوم مجموعات الدعم بحل أي صدام حضاري قد يواجه اللاجئين فقد ذكرت “جيسي طومسون” أحد الداعمين لعائلة لاجئة من سوريا, أنها في أثناء قيامها بفتح حساب في البنك لاحدى الاسر السورية ظنت انه سيكون حساب مشترك بين الزوج والزوجة , الا انها تفاجئت ان  الاسرة تفضل ان يكون الحساب باسم الزوج أو ربما الجد,في النهاية تم فتح حساب مشترك بين جميع أفراد الأسرة وتعلم جميع الأطراف درساً مهماً من هذه الخبرة.

 

سألتُ وزيرة الخارجية، كرستيا فريلاند (ابنة مهاجر أوكراني)، إذا ما كان حظر السفر الذي فرضه ترمب سوف يساعد كندا على صيد أفضل العلماء ورجال الأعمال في العالم لنفسها؟

أجابت بقولها “هذا صحيح تماما“، وأشارت إلى أنها سمعت من كبار المديرين التنفيذيين أن كندا الآن أكثر جاذبية من أي وقت مضى للاستثمارات.

ووجهت فريلاند رسالة للعالم تقول فيها  “إذا كنت شخصا ذكيا حقا وتريد أن تهاجر إلى بلد كبير من شأنه أن يرحب بك، فعليك أن تأتي إلى كندا“. وأضافت “وإذا كنت مسلما جادا في اللجوء إلى كندا، فإنك ستكون موضع ترحيب بالغ، كما تُرحب كندا أيضا بجميع من ينتمون للأديان الأخرى“.