• EGYPT | HEAD OFFICE
  • +20 2 26 90 22 75

بالعربية

برلين لم تعد في الصدارة لشبونة تسعى لتصبح عاصمة الشركات الناشئة في أوروبا

نُشر في: 16 مايو 2017 | اّخر تحديث: 2 مايو 2017

برلين لم تعد في الصدارة لشبونة تسعى لتصبح عاصمة الشركات الناشئة في أوروبا

تجمع العشرات من رواد الأعمال الشباب بالقرب من قلب مدينة لشبونة وتحديداً في حي “كايس دو سودري” الأثري. في محاولة للتعافي من الأزمة الاقتصادية العصيبة التي لحقت بالبلاد في الآونة الأخيرة, مما حول العاصمة البرتغالية إلى خلية عمل تحوي العديد من الشركات الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا.

 

يطمح هؤلاء الشباب في الصعود بلشبونة لتصبح برلين الجديدة,عن طريق إحداث حراك تكنولوجي في المدينة, مستغلين المواهب الشابة والتكاليف القليلة نسبياً مقارنة بالعواصم الأوروبية الأكثر تقدماً في هذا المجال.

على صعيد آخر واصلت  لشبونة نهوضها بحصولها علي امتياز استضافة مؤتمر التكنولوجيا الأكبر في أوروبا “قمة الويب”.الذي من المتوقع ان يشجع المستثمرين علي دعم المشاريع الشبابية الجديدة, مما سيقلل من هجرة العقول البرتغالية المبدعة إلي الخارج بعد الركود الاقتصادي الكبير منذ 40 عاماً.

 

تعد لشبونة نقطة في بحر عالم الشركات الناشئة في أوروبا ,مقارنة بالمراكز العملاقة مثل لندن وبرلين,ويرجع ذلك لأسباب عديدة, أهمها هو النقص الشديد في الاستثمارات المدفوعة للاقتصاد البرتغالي, الذي بدوره واصل النمو ببطء شديد ,بعد خمس سنوات من الأزمة الاقتصادية العالمية  وقروض صندوق النقد الدولي.

 

تطمح لشبونة كمدينة واقعة علي حافة القارة الأوروبية, في السير على خطى العاصمة الألمانية برلين. فبعد أن ظلت برلين قابعة خلف حاجز حديدي لسنوات عديدة,شهدت طفرة اقتصادية في العشر سنوات الأخيرة, بفضل انخفاض تكاليف تأسيس الشركات,بالإضافة إلى القوى العاملة الشبابية التي تكيفت في ظل وجود ظروف معيشية مناسبة.

 

“لشبونة مدينة مثيرة للاهتمام” جاء هذا التصريح علي لسان رجل الاعمال والمستثمر الألماني سيمون شايفر الذي قرر البدء في  بناء مكاتب مجهزة تستوعب 400 موظف في المدينة, معرباً عن امله ان يلاقي هذا المشروع حجم النجاح الذي لقيه مشروع مماثل كان قد قام به في برلين عام 2012. وتابع سيمون حديثه لوكالة رويترز للأنباء قائلاً: لن يتساءل رواد الأعمال كثيراً أين يتوجهوا لتأسيس شركاتهم في المستقبل

 

لا تتوفر بيانات كافية حول حجم المشاريع الاقتصادي نظراً لكون قطاع الشركات الناشئة مازال جديداً نسبياً,علي الرغم من ذلك فهناك بوادر توضح  النمو السريع القادم من قاعدة شركات صغيرة نسبياً.

 

تزامن وجود مخططات لبناء مساحات مكتبية لتستوعب أكثر من 3500 موظف  في مجال التكنولوجيا, مع عرض الحكومة المساهمة في تمويل الشركات الناشئة, حيث طرح مستثمري القطاع الخاص تمويل وصلت قيمته ل500 مليون يورو أي ما يعادل 550 مليون دولار. ولازالت الحكومة تعمل علي تقييم المشاريع المقدمة, حيث لم يتضح حجم العائد الاقتصادي حتى الآن, ولكن المبلغ قد يتخطى التوقعات الرسمية كثيراً.

الهروب بحثاً عن حياة أفضل

عندما وقعت الأزمة الاقتصادية العالمية ارتفعت معدلات البطالة حيث  توجه آلاف الشباب  للبحث عن فرص عمل خارج البرتغال, التي سلكت درب دول اوروبا الشرقية الفقيرة في مواجهة الأزمات الطاحنة. لم تفتقد البرتغال يوما للكفاءات البشرية و الموارد الحيوية لتأسيس شركات ناشئة ولكن ندرة رؤوس الأموال هي التي دفعت بالعقول الرائدة للانطلاق خارجاً للبحث عن مصادر للتمويل.

 

 

البعض هاجروا و البعض الأخر تفرغوا بالكامل لإنشاء شركاتهم” هكذا قال الكسندر باربوسا المدير التنفيذي لشركة “فايبر” ,

و التي تأسست علي يديه في عام 2012 والتي تعد واحدة من الشركات القليلة التي تستثمر في مجال الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا في البرتغال.

لقد استفادت انجلترا من هجرة العقول في عام 2009 حيث أسس واحداً من المهاجرين البرتغاليين ثاني أكبر شركة ناشئة في المملكة المتحدة والتي تعمل في مجال الملابس الفارهة “ريتيلر فارفيتش”طبقا لإحصائيات مؤسسة سي بي البحثية.

 

شركة أخرى “سيدرز” التي ساهم في تأسيسها  رائد الأعمال البرتغالي كارلوس سيلفا في العاصمة البريطانية , تعد أكبر مؤسسة للتمويل الإلكتروني الجماعي. علي الرغم من ذلك فإن الفوائد قد بدأت في التدفق , “فارفتك” و”سيدرز” أصبح لديهما حجم أعمال ضخم في البرتغال.

 

المستثمرين الراغبين في خوض التجربة يمكنهم   تعيين مهندسين موهوبين يجيدون الانجليزية والتي تعد لغة  التكنولوجيا عالمياً بتكلفة منخفضة نسبياً.

متوسط  الرواتب في لشبونة بعتبر ⅓ من متوسط الرواتب في برلين, التي تعد من أقل المدن الألمانية في الأجور,مقارنة بمدن مثل ميونخ وهامبورج.

 

طبقاً لإحصائيات يوروستات فمتوسط أجر الفرد في الساعة في البرتغال عام 2015 كان 13.2 يورو, مقارنة بمتوسط الأجور في باقي دول الاتحاد الأوروبي الذي يتراوح بين 25 يورو و 32.2 يورو في ألمانيا.

وينطبق نفس الشئ علي استيعاب المواهب الشابة .فالايجار الشهري لمكتب في لشبونة يتراوح بين 18.50 يورو للمتر المربع في عام 2014 مقارنة ب 66 يورو للمتر في باريس ,وفقاً لما ذكرته شركة العقارات كوشمان و واكفيلد.

 

تعتبر الأسعار في لشبونة أقل قليلاً من الأسعار في برلين التي تقدر ب 22 يورو,ولكن الشركات الناشئة تتجنب العمل في قلب المدينة  نظراً للأسعار القليلة نسبيا في المناطق الصناعية على ضفاف نهر تاجوس .

انخفاض معدل الاحتراق

هذا بدأ يظهر في البيانات الرسمية مثل تسجيلات الشركات الجديدة في البرتغال التي ارتفعت إلى 35,555 خلال العام الماضي مقارنة ب  29,216 في عام 2012.

 

لشبونة واكبت الاتجاه العالمي, فقامت بإنشاء العديد من الحضانات التي تقدم يد العون للشركات الناشئة عن طريق تقديم مساحات مكتبية للعمل بالإضافة إلى توجيه رواد الأعمال الشباب في الاتجاه الصحيح.

أسلوب الحياة البسيط في لشبونة وكونها مدينة تراثية عريقة جعل من المدينة مقصد للسياح من كل أنحاء العالم, مما  ساعد علي ارتفاع مستوى المدينة في المجمل.

 

أشارت دراسة قامت بها المبادرة الأوروبية  لدعم الشركات الناشئة وهي مؤسسة غير ربحية الي ان لشبونة تعد أكبر خامس مركز في أوروبا لجذب الشركات الناشئة بعد برلين, لندن,أمستردام, وبرشلونة.

اعتمدت الدراسة علي عينة مكونة من 689 من رواد الأعمال الذين تم سؤالهم عن المدينة التي قد يذهبوا إليها لينشئوا شركاتهم مجدداً.

انطونيو دوجلاس نصف برتغالي ,واحد من رواد أعمال شركات التكنولوجيا يعد من أشجع رواد الأعمال حيث قام بإنشاء شركته منذ 6 سنوات متحدياً الركود الاقتصادي العالمي. حيث  قام بتصميم تطبيق “هول 19″ الخاص برياضة الجولف.

يحتوي التطبيق حاليا علي مليون مستخدم في 172 دولة حول العالم.

 

لقد وجد أن رأسمال شركته استمر لفترة أطول قبل البدء في تحقيق الأرباح.

” يمكنك أن تصنع منتج أو تبني شركة, بتكلفة أقل من أي بلد آخر,المواهب الشابة متوفرة , وجميعهم يجيدون الانجليزية”

كما اضاف ان شركته تشغل أكثر من 30 موظف متوسط أعمارهم 26 سنة.

دوجلاس الذي بدء جولة ثانية من جمع التمويلات لكي يوسع حجم أعماله يأمل في تحقيق حجم أرباح يبلغ 100 مليون دولار في مدة تتراوح بين خمس و ثلاث سنوات.

 

حوالي 500 شركة كانت قد حضرت البرنامج التدريبي في” بيتا أي” لشبونة الداعمة للشركات الناشئة في الخمس سنوات الأخيرة, فقد تلقت تلك الشركات إجمالي تمويل بلغ 60 مليون يورو.

 

اوضحت احدى الدراسات المدعومة من شركة مايكروسوفت أن هناك 40 شركة برتغالية نجحوا في جمع تمويلات وصلت لمليون يورو على الأقل في خلال الخمس سنوات الأخيرة.

وحصدت تلك الشركات إجمالي تمويلات وصلت إلى 166 مليون يورو, على الرغم من ذلك فإن تلك الاستثمارات تعتبر أقل بكثير من التي جمعتها 106 شركة في اسبانيا بحجم 1.6 مليار دولار ,و 208 شركة بحجم 6.6 مليار دولار في ألمانيا.

 

لا توجد تقديرات حتى الآن حول مدى تأثير الشركات الناشئة على الاقتصاد البرتغالي، ولكن الحكومة الاشتراكية تغدق بالموارد عليها الآن لسبب بسيط: فهي تخلق العديد من الوظائف. فعلى سبيل المثال، يعمل حوالي نصف موظفو فارفيتش البالغ عددهم 000 1 موظف في البرتغال, و يوجد لديهم نحو 140 وظيفة شاغرة,81 منهم في البرتغال.

 

قال وزير الصناعة جواو فاسكونسيلوس والذي ترأس حضانة الشركات الناشئة الرئيسية في لشبونة من قبل ” نحن نريد أن نحتوي الشركات الناشئة,ليس فقط لأن واحدة من بين كل فرصتين عمل متاحة ,توجد في شركات لم يبلغ عمرها خمس سنوات, ولكن لكونهم يقومون بتنفيذ حلول اقتصادية مبتكرة “.

 

كما أضاف فاسكونسيلوس أن أولويته هي مساعدة الشركات الناشئة علي النمو عن طريق جذب التمويل الأجنبي من خلال محفزات الاستثمار و إجراءات التصحيح الاقتصادية,وتشمل التدابير الحكومية تخفيضات ضريبية تصل إلى 000 100 يورو

للاستثمارات في قطاع الشركات الناشئة.

 

سيلفيا التي عادت إلى لشبونة لترؤس شركة “سيدرز” صرحت أن الوضع التمويلي في لشبونة قد بدأ في التغير, ففي الماضي كان رواد الأعمال البرتغاليين يتوجهون مباشرة إلى لندن للحصول على استثمارات.

هناك ايضا توقعات كبيرة بعودة المهندسون البرتغاليين الذين أسسوا شركاتهم في الخارج أو حصلوا على وظائف في مؤسسات تكنولوجيا ضخمة, لضخ مدخراتهم في شركات ناشئة وطنية.

 

الكثير من الآمال معلقة علي نجاح لشبونة في استضافة “قمة الويب” من دبلن التي استضافت الحدث منذ تأسيسه في عام 2010.

صرح شيفر أن “قمة الويب” طريقة رائعة  لتقدم البرتغال نفسها للعالم, وأضاف” سوف تعود تلك التجربة بمميزات ضخمة علي ما سيحدث في المستقبل”.